قصة قصيرة - كُتبت في 2015

فتاتي التي مُنِعتُ وصلَها باسمِ الله

نظرةُ عينيكِ خلفَ الستارِ تتوقُ أن ترى عينيَّ ، أمامَ الستارِ يجلسُ أبوكِ ذو الملامحِ الجادة، ستارٌ شفاف يُبدي جمالَكِ المتخفي خلفه وأمامه أجلس أمام من يسألني عن الأصلِ والفصل، أسرقُ النظرةَ إلى عينيكِ وأُعاوِدُ الحديثَ مع أبيكِ كي أثبتَ له أني أستحق أن أعبرَ إلى ما خلف الستار، هذا الرجلُ عملاقُ الجثةِ ذو النظرةِ التي تحملُ خبرةَ سنواتٍ طويلة رُبما اكتسبَ مُعظمَها قبلَ أن أُولدَ أنا، ينظرُ إليَّ كمتطفلٍ أتى ليحصلَ على ما لا يستحق، يسألني وأجاوبه، يُفاوضني فأناقشه، ثم يصمت طويلًا متأملًا، أخطفُ نظرةً لكِ وأنتِ تترقبين فأمنعُ ابتسامتي حين ألمحُ توتركِ. يعاود هو النظرَ إليَّ فيجدني منتبهًا منتظرًا على أحرِ من الجمر.


طالت أسئلته وامتدت جلستُهُ يبتسمُ لي حينًا فأظنُ أني أقتربُ من مُرادي، ويستنكرُ ردي تارةً فأُصبِر نفسي بنظرتِكِ المترقبة، نتطرقُ لكلِ الأمورِ وكلِ التفاصيلِ حتى تسائلَ عن كتاباتي التي قرأها، قال لي هل تعتقدُ أنَّ الأدبَ أمرٌ مباح؟


يرى الرجلُ الذي يحملُ في ملامحِهِ سنواتَ القهرِ في مجتمعاتِنا، ويُوحي صوتُه بكلِ الأحلامِ المقهورةِ في بلادِنا أنَّ العامةَ لا يجبُ أن نثيرَ تساؤلاتهم بقدرِ ما يجبُ أن نُجيبَها، لا يجبُ علينا أن نرشدَهم إلى الطريقِ بقدرِ ما يجبُ أن نقودَهم خلفَنا، أدركَ هو في الحالِ بأني غير مناسبِ للعبورِ لعينيكِ فرُبما أكونُ فتنةً أو ضلالةً تُكدرُ صفوَ حياتِكِ، أطلقَ حُكمَهُ واتخذَ قراره بأنَّ مصيري البائس مرتبطٌ بأفعالي المحكومِ عليها بالضلال.


لم يمنحني الصكَ فقطعَ الطريقَ بيننا، لم أمد لكِ يدَ الحبِ بقدرِ ما كنت أتمنى، بل وليتُكِ ظهري بقدرِ ما منحني هو خيبةَ الأمل. أردتُكِ جنتي في الأرض، فرفعكِ هو لتكوني جنةَ السماء، وجعلني الخطيئةَ التي تُدنسُكِ.


أبتسمُ له وأرحلُ في صمتٍ أتركُكِ خلفي، خلفَ ستارِكِ يحفظُكِ الرجلُ الذي أَوكَلَ إلى نفسِهِ الحقَ في حمايتِك، وألقاكِ في الموعدِ الذي اتفقنا عليه، أضمكِ بقوةٍ إليَّ تُشبِهُ قوةَ رفضِهِ لي، وألتهم شفتيكِ بقدر ما أصبحتِ محرمة عليا، وعلى عكسِ كل لقائتنا السابقة لا تُمانعين، ترغبينَ أن تبحري إلى نهاية العالم، ترغبين ذلك بقدرِ ما أرغبُ، بقدرِ ما نعرفُ أنَّهُ رُبما يكونُ لقائنا هذا اللقاء الأخير.


يمكن أن تقرأ أيضًا..


© 2024 Ammar Sabry